يمثل دائمًا اليوم العالمي للمرأة فرصة للوقوف على التقدم المحرز نحو المساواة بين الجنسين وتقييم المسار الذي لا يزال ينتظرنا في كل المجالات. موضوع هذا العام "الاستثمار في المرأة: دفع عجلة التقدم"، وهو يشبه إحدى دعواتنا للعمل التي أوردناها في أحدث تقرير أصدرناه عام 2023 عن حالة أنظمة الدفع الفورية الشاملة في أفريقيا (SIIPS 2023). وعلى وجه التحديد، نادينا إلى "الاستثمار في أنظمة الدفع الفورية الشاملة لإزالة العوائق التي تحول دون تحقيق المرأة للشمول المالي."

ووفقًا لبيانات المستهلكين التي جمعناها لتقرير حالة أنظمة الدفع الفورية الشاملة 2023، لا تزال الفجوة بين الرجال والنساء فيما يتعلق باعتماد المدفوعات الرقمية واستخدامها تشكل تحديًا كبيرًا حيث لا تزال الفوارق الصارخة قائمة في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وعلى المستوى الشخصي، لقد شهدت تأثير هذه العقبات على النساء في مجتمعي، إذ يبدو الوصول إلى الخدمات المالية أمراً شديد الصعوبة في أغلب الأحيان.

ترسل لي ابنة عمي كادي أرباح مشروعها الصغير للإدخار بانتظام، بعد أن أوضحت لها ما تقوم به منظمة AfricaNenda. وهي تمتلك حسابًا ماليًا عبر الهاتف المحمول ترسل من خلاله لي هذه المدخرات، لكنها لا تثق في الاحتفاظ بالأموال على هاتفها بعد أن خسرت أموالها مرتين بسبب المعاملات الاحتيالية. قالت لي، "سيكون المال في مـأمن أكثر معكِ". "أنتِ تعرفين الكثير عن المجال، وفي أسوأ الأحوال، إذا وقعتِ ضحية عملية احتيال، فأنت تحسنين التصرف وستتمكنين من تعويض خسارتي."

يعكس ذلك المنطق، المضحك والمعقول في الوقت ذاته، دور الافتقار إلى التثقيف المالي والخوف من التعرض للاحتيال في خلق عوائق أمام النساء. ويؤكد تقرير حالة أنظمة الدفع الفورية الشاملة SIIPS على هذا من خلال البيانات المتعلقة بالنساء في الكاميرون والسنغال، اللاتي توقفن عن استخدام المدفوعات الرقمية بعد التعرض للاحتيال، أو اللاتي يصعب عليهن فهم كيفية عمل أنظمة المدفوعات بسبب الافتقار إلى التثقيف المالي، مما يجعل منهن فريسة سهلة للمحتالين.

كما تسلط بيانات تقرير حالة أنظمة الدفع الفورية الشاملة SIIPS الضوء أيضًا على أوجه التحيز النظامية التي تخلد عدم المساواة بين الرجال والنساء في الوصول إلى الخدمات المالية. فعلى سبيل المثال، انفجرت ابنة عمي كادي ضاحكةً عندما اقترحت عليها فتح حساب توفير في مؤسسة محلية للتمويل الصغير بدلاً من إرسال مدخراتها لي كل شهر. قالت لي، "هل تريدين أن يعتقد الناس أنني غنية؟" "فالبنوك للأغنياء والمثقفين فحسب. إذا اكتشف زوجي أنني أمتلك حسابًا مصرفيًا، سأكون في مأزق."

إن تعليق كادي يشبه حديث النساء اللاتي أجرين مقابلات كجزء من جمع بيانات تقرير حالة أنظمة الدفع الفوري الشاملة SIIPS. أعربت الكثير من النساء عن الشعور بنقص في الثقة بالنفس عندما يتعلق الأمر باستخدام الخدمات المالية الرقمية، فضلًا عن المعايير والضغوط الاجتماعية التي تعد بمثابة عائق يحول دون حصولهن على حساب مصرفي. إلا أن النساء لن يتمكن من اكتساب الخبرة التي ستساعدهن على بناء تلك الثقة دون التعرض للخدمات المالية من خلال استخدام الحساب. وفقًا للبنك الدولي هناك ستة دول أفريقية يُحظر فيها قانونًا على النساء فتح حساب مصرفي دون موافقة أزواجهن.

وبعيداً عن الثقة في النواحي المالية والأعراف الاجتماعية، يحدد تقرير حالة أنظمة الدفع الفورية الشاملة SIIPS العوائق الهيكلية الإضافية التي تحول دون وصول المرأة إلى المدفوعات الرقمية واستخدامها، بما في ذلك الوصول إلى الهاتف المحمول، والوصول إلى الإنترنت، والحصول على وثائق الهوية القانونية، وإمكانية الوصول إلى الخدمات المصممة لتلبية احتياجات المرأة.

ومعظم هذه العوائق معروفة لدى المنظومة، وتعمل بعض الجهات الفاعلة بالفعل على معالجتها، ففي بعض الحالات يتم تقديم الدعم التكنولوجي لتمكين المرأة من التحكم في مستقبلها المالي. هناك بصيص من الأمل وفرص لإحراز التقدم. يقدم تقرير حالة أنظمة الدفع الفورية الشاملة SIIPS تدابير ملموسة يمكن أن تتخذها الأطراف المعنية لتعزيز المدفوعات الرقمية التي تركز على النوع لتحقيق تكافؤ الفرص وإنشاء منظومة مالية أكثر عدالةً. تتضمن المسارات المقترحة الآتي:

• إنشاء آليات انتصاف فعالة لمكافحة انقطاع الخدمة والاحتيال. مع وجود آليات انتصاف فعالة، ستتمكن النساء أمثال كادي من الحصول على الدعم الفوري لمعالجة أي معاملة احتيالية واسترداد أي أموال مفقودة. وهذا لا يحمي مصالحها المالية فحسب، بل يعزز أيضًا ثقتها بالنفس فيما يتعلق باستخدام خدمات الدفع الرقمية، مما يساهم في نهاية المطاف في تحقيق الشمول المالي للمرأة وتمكينها.
• زيادة الاستثمار في التثقيف المالي للمرأة. يعرف كلٌ منا،على المستوى الشخصي، امرأة مثل كادي في دائرته الخاصة يمكنه تدريبها.
• إعادة النظر في اللوائح التنظيمية لمعرفة تأثيرها المتفاوت على النساء والرجال. ويمكن أن تُقيّم البنوك المركزية اللوائح التنظيمية لفهم تأثيراتها التفاضلية بين الجنسين، وإعادة النظر في تلك التي تحُد من استقلال المرأة على الصعيد المالي.
• تسخير البيانات المصنفة حسب النوع لتحديد فرص تصميم المنتجات والخدمات المصممة لتلبية احتياجات المرأة. على سبيل المثال، إذا أظهر تحليل البيانات أن النساء في مجتمع كادي يفضلن واجهات المستخدم المبسطة وميزات الأمان المحسنة، فيمكن لمزوّدي الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول تطوير تطبيقات مخصصة تعطي الأولوية لهذه الميزات. بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال تحليل أنماط الإنفاق والسلوكيات المالية بين النساء، يمكن لمزودي الخدمات تقديم منتجات مالية مخصصة مثل حسابات التوفير مع خيارات سحب مرنة أو القروض الصغيرة بأسعار فائدة منخفضة أكثر.
• دمج المزيد من النساء كعناصر فعالة في المجتمعات. أوضح تقرير عام 2023 بأن النساء يشعرن بقدر أكبر من الأمان مع الموظفات الإناث. كما أنه قد تكون الموظفات الإناث أفضل من يدعو إلى التثقيف المالي .

إذًا، فلنواصل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وقبل كل شيء دعونا نتحرك! فلنغتنم الفرصة للاستثمار في الشمول المالي للمرأة وتمكينها ماليًا. ومن خلال إزالة العقبات وتوفير الوصول إلى الموارد، يمكننا تسريع التقدم نحو المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي. وسواءً أكان ذلك من خلال دعم المبادرات التي توفر التثقيف المالي، أو الدعوة إلى السياسات التي تعزز الخدمات المالية الشاملة للجنسين، أو الاستثمار في الأعمال التجارية التي تقودها النساء، فإن لكل إجراء أهميته، سواء أكان ذلك من طرف فرد أو دولة. سأستمر في رفع مستوى الوعي مع ابنة عمي كادي حتى أقنعها بفتح حساب توفير أو الاحتفاظ بأموالها بنفسها في محفظتها الإلكترونية، على أمل أن تمكنها البنية التحتية من الوصول إلى الخدمات التي تحتاجها، وأن تكون اللوائح التنظيمية مرنة بما يكفي حتى تتمكن من فتح حساب. وعلى المستوى القاري، سوف تساعد الجهود التعاونية التي تقودها منظمات مثل AfricaNenda في بناء مستقبل لا يعرف فيه الشمول المالي حدودًا بناءً على النوع.

معًا، دعونا نعمل على تمكين النساء للتحكم في مستقبلهن المالي وتمهيد الطريق من أجل مجتمع أكثر شمولاً وإنصافًا.